التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شرح مدرسة التحليل النفسي بشكل مبسط (الجزء 1)

 



فور أن تبدأ بقراءة أول كتاب لك في علم النفس، لا شك أنك ستجد فيها نقاط عن المدرسة التحليلية أو السلوكية أو الإنسانية أو الجشطالت، عدم معرفتك بأساسيات تلك المدارس قد يعني أن فهمك للكتاب سيكون ناقصًا، لذلك سأبدأ في هذا المقال عن التحليل النفسي لسيجموند فرويد في نقاط رئيسية بسيطة ليكون مرجعك المبسط قبل أن تتوسع فيه:

الدوافع اللاشعورية

أكد فرويد على أن أغلب دوافع السلوك تكون دوافع لاشعورية، والدوافع اللاشعورية ببساطة هي دوافع مكبوتة في العقل الباطن تحرك سلوكك دون أن تكون واعيًا أو مدركًا لها، وقد تكون هذه الدوافع أخلاقية أو غير أخلاقية.

بطريقة أخرى، فأنت تظن أن سلوكك مبني على رؤيتك وأفكارك، وتظن أنك تعرف الدافع وراء سلوكك، بينما في الواقع-بحسب تلك المدرسة- فإنك تجهل تلك الدوافع، أو قد تنتحل دوافع أخرى بخلاف تلك الدوافع الحقيقية (اللاشعورية) لسلوكك.

مثال: الدافع الشعوري الذي أدركه لكتابتي هذا المقال هو إفادتك وإفادة عدد كبير من الناس، فيما قد يكون الدافع الأصلي (اللاشعوري) هو رغبتي في الحصول على زيارات والشعور بالتقدير (لقد فضحت نفسي!)، ولكن طبعًا لن أقول ذلك كي لا تراني أنانيًا، ومن المفترض أنني لا أدرك تلك الدوافع.

ومن أمثلة الدوافع اللاشعورية في حياتنا اليومية:

  • زلات اللسان: تظن أن زلات اللسان هو خطأ منك؟ كلا، يعتبر فرويد أن زلات اللسان هي أكثر ما يعبر عن دواخل الإنسان، يروي فرويد قصة سيدة قابلت صديقة زوجها السابقة فإبتسمت لها وقالت: "كم يسعدني قتلك" بدلًا من "كم يسعدني لقائك"، ومن هنا نكتشف أن دوافع تلك السيدة اللاشعورية كانت قتل صديقة زوجها، بإختصار: يرى فرويد أن الحقيقة تظهر مع زلات اللسان.
  • زلات القلم (أو لوحة المفاتيح في عصرنا الحالي): هل سبق لك أن رغبت في كتابة شىء ولكنك سهوت قليلًا فوجدت نفسك كتبت كلمة أخرى معناها مختلف تمامًا؟ يقول فرويد أن تلك الكلمات تعبر عن دوافعك اللاشعورية.
  • النسيان: فقد تقول أنك نسيت فعل شئ رغمًا عنك رغم أن السبب في الواقع هو أنك لم تكن تريد فعله.
  • ضياع الأشياء: حيث قد تظن أنه بسبب الإهمال بينما في الواقع يكون بسبب رغبة لاشعورية لا تريد وجوده، كمثال، يقول علماء التحليل النفسي أن الفتاة التي يضيع منها خاتم خطبتها هي في الأصل لا ترغب في الزواج، وكان هذا الفعل (الإضاعة) ناتج عن رغبة دفينة في عدم إتمام الزواج.

مرحلة الطفولة المصيرية

أكد فرويد على أهمية مرحلة الطفولة التي تؤثر بشكل كبير على مستقبل الإنسان، مثلًا قد يكون سبب الإضطراب النفسي لشخص بالغ هو عدم تلبية رغباته في فترة الرضاعة مثلًا أو في ال6 سنوات الأولى من حياته بشكل عام.

الإنسان طيب أم شرير؟

يرى فرويد أن الطبيعة الإنسانية شريرة وغير خيّرة، وأن تلك الأفعال التي تبدو جيدة هي في الأصل تمثل حيلًا دفاعية يدافع بها الإنسان عن دوافع الشر في نفسه.

طبعًا وُجهت انتقادات لهذه المدرسة، أهمها أن فرويد قلل بشكل كبير من دور الوعي والإرادة الحرة فيما أعطى الدور الأكبر من السلوك للدوافع اللاشعورية، ويمكن إعتبار الإنسان في وجهة نظر فرويد أنه مسيّر "لا حول له ولا قوة".

الجدير بالذكر أن أشهر كتب فرويد التي تشرح المدرسة التحليلية هي مدخل الى التحليل النفسي، وكتاب الأنا والهو، وكتاب تفسير الأحلام.

اقرأ: شرح الأنا والهو عند سيجموند فرويد




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مهارات القراءة : كيف تتذكر 90% مما تقرأه؟

هل تعلم أن القراءة قد تكون تضييعاً للوقت في بعض الأحيان؟ بالفعل، قد تكون قرأت عدداً كبيراً من الكتب، ولكن حينما تعود لتقرأها مرة أخرى تكتشف أنك قد نسيت أكثر من 90% من محتواها فلماذا ننسى هذا الكم، وكيف نتغلب على ذلك لنتذكر أكثر من 90% من محتوى الكتاب؟ تابع القراءة اولاً: كيف تنتقل المعلومات لعقولنا؟ كيف تنتقل المعلومات لعقولنا تنتقل المعلومات التي تتلقاها من الحواس (كحاسة النظر والسمع واللمس..إلخ) عن طريق النواقل الحسية، تقوم هذه النواقل بنقل المعلومات من الحواس إلى الذاكرة قصيرة المدى، وهذه الذاكرة تحتفظ بالمعلومات لمدة ثواني او دقائق قليلة بعد ذلك، تنتقل بعض المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى، وهي ذاكرة تحتفظ بالمعلومات لمدة طويلة، بينما البعض الآخر من المعلومات لا يصل لهذه الذاكرة ويتم نسيانه بسرعة، وطبعاً نريد أن نجعل ما نقرأه يصل للذاكرة طويلة المدى لنتذكره أطول فترة ممكنة، فكيف ذلك؟ العوامل المؤثرة في قوة التذكر  هناك العديد من العوامل التي تساهم في الإحتفاظ بالمعلومات لأطول فترة ممكنة، سنذكر أهمها :  1. الإهتمام كلما كنت مهتماً أكثر

الطريقة شبه الأكيدة للتخلص من إدمان مواقع التواصل (من تجربتي الشخصية)

منذ ما يزيد عن 4 سنوات كنت أبحث عن طرق فعالة للتخلص من إدمان مواقع التواصل الإجتماعي، ولكني وجدت الكثير من تلك الطرق تعتمد على العقلانية (مثلًا أن تسأل نفسك عن مدى استفادتك منها)، وجزء آخر منها يعتمد على عقد العزم والإرادة، ولكن هذا لم ينفعني كثيرًا وحده، وقد لا ينفعك أيضًا؛ إذ يقال أن الإنسان يأخذ قراراته بالعاطفة أولًا ثم يبررها بالمنطق، لهذا سنستخدم هنا دور العاطفة ممزوجة ببعض العقلانية. لتتخلص من آدمان مواقع التواصل إتبع الآتي : 1.  زد من استخدامك لمواقع التواصل. نعم، أنت تقرأ عن التخلص من إدمان مواقع التواصل، وأنا في كامل قواي العقلية وأنا أسألك أن تزيد من استخدامك لها، فإن كنت تقضي على هذه المواقع 3 ساعات فاجعلها 6 ساعات، لا تتنازل عن ذلك، عليك أن تقضي ما يقارب من ضعف الوقت يوميًا، قم بفعل ذلك لمدة 3 أو 4 أيام متواصلة. ولكن لاحظ هنا أنك تريد التخلص من إدمان مواقع التواصل وليس التخلص من صحتك! لذا استخدم قاعدة 20/20/20 للحفاظ على عينيك (كل 20 دقيقة خذ استراحة لمدة 20 ثانية وانظر لشىء يبعد عنك 20 قدمًا، أي 6 أمتار)، وتحرك من مكانك كل عدة دقائق منعًا لحدوث أية آثار صحية. لن تفيد

كلما أقوم للمذاكرة أجد شيئًا يمنعني، ماذا أفعل؟

الإجابة بسيطة: تنقصك الإرادة! اممم لالا ليس هذا هو السبب. أنت لديك الإرادة بالفعل وترغب في التفوق، دائمًا ما تتخيل نفسك حاصلًا على درجة مرتفعة وعن مدى سعادتك وقتها، ولكنك-رغم كل ذلك- لا تذاكر، أليس كذلك؟ لقد مررتُ بذلك كثيرًا هناك عدة أسباب لاحظتها متأخرًا ونادرًا ما تجدها في المواقع، وهي تتعلق بأفكارك حول نفسك والآخرين والمذاكرة، دعني أوضحها: تظن أن قدراتك خارقة وبإمكانك انهاء المنهج بسهولة نهاية العام! هناك جزء مغرور بداخلنا يخبرنا أننا ذوي قدرات خارقة، و أن قدراتنا أعلى من قدرات أقراننا. هذا ما يسمى في علم النفس بتأثير فرط الثقة (Overconfidence Effect). لم أوضح ما المشكلة في ذلك؟ حينما تظن أن قدراتك أعلى من غيرك، فإن النتيجة ستكون أن تظن أنك تستطيع مذاكرة المنهج بالكامل أسرع منهم بسبب قدراتك الفذة. مثلًا الطبيعي أن زملائك يحتاجون 6 أشهر لمذاكرة المنهج بالكامل، ولكنك تظن أنك بإمكانك مذاكرته في أسبوعين فقط، وما النتيجة؟ تبدأ-بشكل لاواعي أحيانًا- بالتفكير: "لطالما أنه بإمكاني مذاكرة المنهج بالكامل في آخر اسبوعين، فما الذي يجعلني أذاكره الآن رغم أن الإمتحان مُتبقى له عدة أشهر؟&quo